في ذكرى وحدة اليمن.. لا يبقى موحداً ولا مُـنهاراً في الأجندة الخليجية
يمنات
صلاح السقلدي
مما لا شك فيه ولا يختلف عنه أثنان داخل اليمن وخارجها أن الوحدة اليمنية -التي يصادف الأربعاء 22مايو 2019م الذكرى التاسعة والعشرون لتحقيقها- ظلت حُــلما جميلا يداعب مخيلة كل يمني شمالا وجنوبا نحو تحقيقه, وهو الأمر الذي تحقق فعلاً صبيحة يوم 22مايو 1990م في لحظة تجلي تاريخية نادرة، وفي ظل ظروف دولية استثنائية عصفت بها أحداث ومتغيرات دراماتيكية عنيفة ساعدت في التسريع بتحقيق الوحدة اليمنية ,بطريقة طغتْ فيها العاطفة فوق العقل والمنطق، مما أسهم ذلك في بناء مستقبل دولة موحدة على اُسس هشة وأرضية رخوة،ما لبثت أن مادت بالجميع وطغى فيها أحد طرفي الوحدة على الآخر بعد حرب دامية عام 1994م اثخنت الوحدة جراحا وافرغتها من جوهرها العظيم، واُقصيَّ جرّاءها الشريك الجنوبي عن المعادلة وظلَّ بالهامش حتى تفجر ثورة شعبية ناعمة عام 2007م,بوجه سلطة ما بعد ذلك التاريخ, محتفظة تلك الثورة بسلمتيها ومحققة مكاسب سياسية لا بأس بها برغم ما ظل يحيق بها من خناق إعلامي وسياسي داخلي وإقليمي خصوصاً و أن تلك السُــلطة كانت قد أبرمتْ اتفاقا تاريخيا مع السعودية بشان موضوع ترسيم الحدود الجغرافية بين اليمن والمملكة، ظفرت به هذه الأخيرة بمكاسب تاريخية كبير ظلت بالنسية حُـلما يستحيل تحقيقه، كان الجنوب ضحية ذلك الاتفاق بعد أن اشترطت صنعاء على الرياض التخلي عن دعم المعارضة الجنوبية بالخارج والضغط بإعادتها عنوة الى صنعاء صاغرة ذليلة, وهو الطلب الذي سارعت السعودية الى تنفيذه فوراً لسهولة تحقيقه، في واحدة من أحقر عمليات المساومة السياسية التي ضربت بكل قيم الإنسانية عرض الحائط.
ظل الجنوب على صفيح ساخن حتى اندلاع الحرب الأخيرة التي أعلنتها السعودية باسم تحالف عربي في نهاية أذار مارس 2015م لإعادة ما بات يُعرف بالسلطة اليمنية المسماة بالشرعية الى سدة الحكم واسقاط الحركة الحوثية وحزب الرئيس السابق صالح بصنعاء, وهو الهدف الظاهري الذي تخفّــت خلفه السعودية للتدخل العسكري باليمن بعد أن كان هذا الأخير على وشك الإفلات من قبضة الهيمنة السعودية التاريخية.
ومن حينها راهنت المملكة وشركاؤها على الجنوب وعلى قضيته السياسية كأضعف حلقة بالسلسلة اليمنية وكان لها ما أردت بعد أن تعثرت شمالاً ومُـنيت بخيبة عسكرية وسياسية وشعبية كبيرة هناك..وكان الجنوب هو حصان طروادة الخليجي للنفاذ للعميق اليمني، مستغلة أي السعودية الرفض الشعبي الجنوبي للوضع القاسي الذي خلفته سنوات من بعد حرب 94م،واستخدمت القضية الجنوبية أسواء استخدام وجعلت من البندقية الجنوبية بندقية أجيرة، ومن رموز الجنوب أدوات سياسية وعسكرية تعمل تحت العباءة الخليجية نظير فتات من مكاسب مالية ومادية بخسة ووعود سياسية عرقوبية، بالتوازي مع تصريحات هلامية تطلقها بعض الأصوات الخليجية الموالية لأنظمة الحكم الخليجية تتحدث على استحياء وبغموض شديد عن أمكانية النظر بالتطلعات الجنوبية، وهي تصريحات ماكرة تستهدف تخدير العقل الجنوبي السياسي الضحل الواقع تحت حالة التنويم المغناطيسي الخليجي.
فالسعودية ومعها كل دول الخليج- تقريبا – لا ترى بالجنوب أكثر من ضرع مُــدر للثروات، وموقع جغرافي غاية بالأهمية، ولا تأبه لمطالبه ومنها مطلب استعادة دولته السابقة، تماما مثلما لا تأبه على إبقاء الوحدة اليمنية كما كانت قبل هذه الحرب ولا كما كانت بعد حرب 94م. فالخليج والسعودية بالذات ترفض يمنا موحداً قوياً يشكل لها تهديدا وجوديا خصوصا وأنه يمتلك كل مقومات وأسباب الدولة القوية- والتجربة العراقية ما تزال عالقة ككابوس مزعج بالذهن الخليجي- ولا تريد يمننا مفككا منهارا على الطريقة الصومالية الى درجة يكون فيها كارثة بشرية على الجبهة الخليجية الجنوبية، بل تريده يمناً بين بين: لا ميتٌ يُنسى ولا حيُ يُرجى،” يمن في غرفة الإنعاش السياسي والجغرافي” يسهل التحكم به والسيطرة عليه وعلى مقدراته وإرادته السياسية والسيادية. وعطفاً على هكذا تعاطي سعودي خليجي لئيم تكون الوحدة اليمن قد صارت في خبر كان بالنسبة للقوى الشمالية التي راهنت على التدخل الخليجي، كما باتت التطلعات الجنوبية هشيما تذروها الرياح في سحيق الأطماع الخليجية وصحاريها، يمن غير موحد وغير ممزق، ولكنه سيطرق أبواب التفتت وليس في فقط الانهيار أن ظل ساحة صراع وأطماع القوى الإقليمية والدولية.!
المصدر: رأي اليوم
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا
لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.